بعد أن تحدث الرسول عن سلوك المؤمن وسط اخوته يتحدث هنا عن سلوكه وسط المجتمع
الفاسد الذى يحاول أن يغويه بخطاياه. ويقول للمؤمن.. لقد صرت مختارًا ونورًا تكشف
الظلام، فلا تنجذب للظلام ثانية، هو يذكر الكنيسة بمقامها الجديد ولكنه لم يدعو لاعتزال
المجتمع بل رفض الشر.
آية ١: فكونوا متمثلين بالله كأولاد أحباء.
هذه الآية تتمة للآية الأخيرة فى الإصحاح السابق. أى هى دعوة أن نكون متسامحين شفوقين
- فى محبة = كونوا متمثلين بالله: والله محبة. فلنسامح بعضنا كما يسامحنا اله (مت ٣٣:١٨
٣٥ ). فعلينا كأولاد أحباء أن نتمثل بأبينا فى محبته وتسامحه. وهذا ما علَّم به المسيح فى
.( نهاية الصلاة الربانية (مت ١٢:٦
آية ٢: واسلكوا في المحبة كما أحبنا المسيح أيضا وأسلم نفسه لأجلنا قربانا وذبيحة لله
رائحة طيبة.
وصية بولس أن نسلك فى المحبة فى كل قول وتصرف. وهو يقول فى المحبة ولم يقل
بالمحبة. وهذا يعنى أن تكون المحبة هى الإطار الذى نسلك فيه، وخارجه يمتنع التصرف.
وأسلم نفسه لأجلنا: علامة محبته قربانًا وذبيحة وهذا تفسير أسلم نفسه. رائحة طيبة: أى
ا بسرور. وكما مات المسيح ليغفر خطايانا علينا أن نغفر لبعضنا. ومن يغصب نفسه K قبل
على التسامح ويغفر لمن اخطأ إليه يصير كذبيحة لها رائحة طيبة أمام الله. فنحن نشارك
المسيح كهنوته بتقديم حياتنا ذبيحة حب عن الآخرين كما صنع هو. فلنتمثل بمحبة المسيح.
آية ٣: وأما الزنا وكل نجاسة أو طمع فلا يسم بينكم كما يليق بقديسين.
الزنا وكل نجاسة: يشير لكل التصرفات الجنسية اللا أخلاقية وكانت تمارس عند الوثنيين فى
الهياكل (وهذا ينطبق على الصور الفاضحة فى الإنترنت والدش).
.(٧- أو طمع: (كو ١٩:٤ ) كان الطمع يشير للزنا مع زوجات الغير. وراجع أيضًا ( ١تس ٣:٤
ولكن الطمع هنا هو عدم الشبع والاكتفاء بالأمور المادية. (وهذا ل ه علاقة بالزنا، فكلاهما
يطلق لنفسه العنان إمّا بشهوة محبة المال أو للشهوه الجنسية ولا يعود فى القلب مكانًا لله)
رسالة أفسس (الإصحاح الخامس)
٧٧
والرسول أطلق على الطمع فى آية ٥ عبادة أوثان، فالفضة والذهب صارا آلهة لبعض الناس،
(أف ٥:٥ ) + (كو ٥:٣ ). وهو عبادة أوثان لأن الطماع صار يعتمد على أمواله فى تأمين
مستقبله، إذ هو خائف من المستقبل لكن الله هو الذى يضمن المستقبل، وإلا صار المال إلهًا
لهذا الإنسان يضمن له المستقبل. وهناك من قال عن الطمع زنا روحى فهو يفصل بين
المؤمن والفضيلة.
لا يسم: أى لا تتحادثوا فيه ولا تقولوا كلمات خارجة بأفواهكم، فهذا مما يثير الشهوات لدى
المتكلم والسامع. كما يليق بقديسين: قديسين أى مخصصين لله، ومن تخصص لله لا يليق به
مثل هذه التصرفات.
آية ٤: ولا القباحة ولا كلام السفاهة والهزل التي لا تليق بل بالحري الشكر.
القباحة: السلوك المشين سواء بالأفعال أو بالأقوال. وكما اتخذ الصياح قبل ذلك علامة على
الغضب. نرى هنا كلام القباحة علامة على الشهوة. واللسان القبيح يقود الجسد لإثارة الشهوة
والزنا. السفاهة: الكلام الفارغ الذى لا يهدف لشئ. أو الخارج عن حدود اللياقة والتعقل بلا
إحساس بالعيب.
الهزل: كلام منحل يثير الضحك والرسول لا يتصد الضحك البرئ.
الشكر: كلام النعمة المفيد وخصوصًا المديح والتسبيح لله.
آية ٥: فإنكم تعلمون هذا أن كل زان أو نجس أو طماع الذي هو عابد للأوثان ليس له
ميراث في ملكوت المسيح والله.
فإنكم تعلمون: هم يعرفون من كرازته سابقًا ما يقوله هنا ولكن قطعًا فالتوبة مقبولة وتهيئ
. الإنسان للملكوت. عبادة أوثان: راجع آية ٣
ملكوت المسيح والله: فى النص اليونانى كلمة الله أتت بدون أداة تعريف. إذًا كلمة الله ليست
معطوفة على كلمة المسيح. إذًا نحن لسنا أمام ملكوت لله وملكوت آخر للمسيح، بل هو
ملكوت الله الواحد، هو ملكوت المسيح الذى هو الله. هذا إشارة لأن المسيح ليس مجرد إنسان
بل لأنه هو الله، فبعمله الفدائى أهلنا لملكوته.
رسالة أفسس (الإصحاح