الجزء الاول
عيد البشارة المجيد تعيد فيه الكنيسة ببشارة الملاك جبرائيل للسيدة العذراء مريم بحملها -وهي
عذراء بكر-بالمسيح الكلمة فقد حل في باطنها بلاهوته-وهو القدوس واتخذ من دمها بالروح القدس الذي حل عليها جسدا استتر به فصار هذا الجسد للاهوت النازل من السماء ستارا وحجابا,ولهذا سميت العذراء القديسة مريم بالمجمرة الذهبية لأنها حملت في أحشائها جمر اللاهوت المتحد بالناسوت.
فالمسيح الكلمة الذي حملته العذراء مريم في أحشائها هو الله ذاته وقد اتخذ جسدا, طبيعة واحدة من طبيعتين, طبيعة الله المتجسد,ولهذا سميت العذراء مريم السماء الثانية التي سكن فيها الرب الإله جسديا بحلوله في أحشائها, فيالها من كرامة عظيمة نالتها العذراء مريم!ولولا قداسة سيرتها لما استحقت أن تنال هذا الشرف العظيم,فهي لذلك فخر جنسنا وكما وصفها الملاك بأنها الممتلئة نعمة.
قال الإنجيل:
في الشهر السادس لبشارة الملاك لزكريا أرسل الملاك جبرائيل من الله إلي مدينة في الجليل تسمي الناصرة إلي عذراء مخطوبة لرجل من بيت داود اسمه يوسف وكان اسم العذراء مريم .فدخل الملاك إليها,وقال لها:السلام لك أيتها الممتلئة نعمة الرب معك,مباركة أنت في النساء فلما رأته اضطربت من قوله,وأخذت تفكر ماعسي أن يكون معني هذه التحية؟ فقال الملاك لها لاتخافي يا مريم لأنك قد نلت نعمة عند الله.وها أنت ذي ستحبلين وتلدين ابنا تسمينه يسوع وسيكون عظيما وابن العلي يدعي,سيعطيه الرب الإله عرش داود أبيه فيملك علي بيت يعقوب إلي الأبد,ولن يكون لملكة انقضاء.
فقالت مريم للملاك كيف يكون لي هذا وأنا لا أعرف رجلا؟ فأجاب الملاك وقال لها إن روح القدس سيحل عليك,وقوة العلي ستظللك,ولذلك فإن القدوس الذي سيولد منك يدعي ابن الله (لوقا2:26-35).
هذا هو الحدث العظيم الذي تعيد له الكنيسة في اليوم التاسع والعشرين من شهر برمهات والذي يسبق عيد الميلاد المجيد,أو بالأحري عيد التجسد الإلهي,بتسعة أشهر هي مدة الحمل القانونية والذي تعيد له في التاسع والعشرين من شهر كيهك.
وهنا نجيب علي السؤال:لماذا تحدد التاسع والعشرون من شهر كيهك ليكون عيد الميلاد أو عيد التجسد؟نقول قد تحدد عيد البشارة بالتاسع والعشرين من شهر برمهات ليجيء عيد الميلاد بعد البشارة بتسعة أشهر.وهي مدة الحمل القانونية لكل جنين حتي لو كان الجنين هو الكلمة مقيم السماء وهو الذي ارتضي تواضعا وحبا أن ينزل إلي الأرض متخذا جسد إنسان من أجل خلاص آدم وذريته لأنه إلي هذا المدي أحب الله العالم (يوحنا3:16 ) ومع ذلك يبقي السؤال قائما: لماذا اختير اليوم التاسع والعشرون من برمهات ليكون عيد البشارة المجيد؟
والجواب علي هذا السؤال:إنه بناء علي تقليد قديم أن بدء الخليقة الأولي كان في التاسع والعشرين من شهر برمهات.
لذلك رأي آباء الكنيسة أن يحددوا عيد الخليقة الجديدة أيضا بالتاسع والعشرين من شهر برمهات.
أجل إن الخليقة الأولي قد فسدت بالخطيئة فسادا تاما لايمكن إصلاحه كما يقول آباء الكنيسة ومن بينهم القديس أثناسيوس الرسولي والقديس أوغسطينوس.
.