طفولته - شبابه
ولد حوالي سنة 1892 م فى قرية أبو شحاتة مركز مطاي، محافظة المنيا من أبوين مسيحيين وتسمى باسم سمعان وإسم أبيه حنين وإسم أمه إستير ... تعلم الكتابة والقراءة لا فى مدرسة ولا فى كتاب القرية وإنما إجتهادياً؛ كان يعمل مع والده حنين فى الزراعة وتربية المواشي من جمال وغنم وخلافه وقد كان الرب معه يبارك فى كل ما تمتد إليه يده كما تتلمذ على يد أحد رهبان دير القديس الأنبا مكاريوس الكبير ، ولقد نبغ بلوغاً عجيباً فى دراسة الكتاب المقدس وكان يحفظ بعض أسفاره عن ظهر قلب ..
كان يشتاق لحياة الرهبنة فكان يذهب أياماً كثيرة لدير الأنبا صموئيل المعترف بجبل القلمون ولكن لشدة إحتياج والده إليه إذ لم يكن لهم أولاد سواه كان أبوه يذهب ويحضره معه وفى كل مرة كان يفعل ذلك كان يموت لأبيه عدد كثير من المواشي بطريقة مؤلمة ومذهلة ، وفى أحد المرات بعد أن أخذه والده أحضر له إنسانة شريرة من اللاتي يتنقلن فى البلاد وحبسها معه فى حجرة واحده وإتفق معها على مبلغ معين إذا أسقطته معها فى الخطية ظناً منه أنه بهذه الوسيلة الشريرة يجعل ابنه يرجع عن فكرة الرهبنة ويتزوج ويعيش معه، ولقد حاولت المرأه الشريرة معه كثيراً وأخيراً أمسكته وحاولت إغراءه فما كان منه إلا أن قال لها : (إبعدي عني جااك وجع بطنك)
وفى الحال بدأت تصرخ من شدة الآلم وتقول : بطني بطني بها جمرة نارن إعملوا معروف يا ناس خلو ولدتكم يسامحنين أنتم تسببتم فى عذابي، إتركوه بحريته حرام عليكم وبعد جهد ومحاولات شديدة سامحها فشفيت فى الحال.
وبعد المحاولات الكثيره لإقناعه قال الآب : يا إبني أنت ولدي الوحيد ولا يوجد عندي أولاد ذكور غيرك فعلى من تتركني ووالدتك وإخوتك؟ فقال له سمعان : وإذا أعطاك الرب ولد غيري تتركني أذهب للدير؟ فوافق والده على هذا الشرط وفعلاً اعطاه الرب ولداً وأسماه حنا.
رهبنته - جهاده - فضائله
وبعد أن أدرك والدته أن هذه هى مشيئة الله أن يترك العالم ويترهب، فتركه بحريته فذهب إلى دير القديس أنبا مقار وهناك عاش فى هدوء ووداعة متمثلاً بسيده يسوع المسيح الذى قال "تعلموا مني لأني ويع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم" ، كما كان مواظباً على على قراءة الكتاب المقدس وكتب الآباء النساك نهاراً وليلاً وقلما تجده فى أي وقت ولا يوجد معه أنيسه من الكتب الروحية .... وقد تتلمذ على يد القمص عبد المسيح المسعودي متعلماً منه الفضائل ومتخذاً منه مُرشداً روحياً وأب إعتراف يلتجأ إليه.
كان يقتات من الفتات المتساقط من مائده الدير ويبللها فى الماء أو أي نوع من المطبوخات البقولية أو الخضار إذا وجد ويأكل مرة واحدة فى اليوم من المساء إلى المساء فقط.
ظل يتدرج فى الفضائل والقداسة فقد كان يربط حبلاً فى سقف قلايته، ويربطه فى وسطه وتحط الأبط، ويقف يصلي الليل كله (إقتداء بالقديس الأنبا بيشوي) حتى إذا غلبه النوم يمسكه الحبل لئلا يقع على الأرض، أو يربط إطار منخل بالحبل ويدخلها تحت زراعيه ويشد الحبل فتمسكه أيضاً لئلا يقع ويستمر فى صلاته طول الليل وكان يمكث على هذه الحال فى بعض الأحيان ثلاثة أيام مقتدياً بجهاد القديس الراهب تادرس المقاري لأنه عاصره فى بداية رهبنته بالإضافة إلى تلمذته على القمص عبد المسيح السعودي ووجوده مع الراهب تادرس فتره فى القدس.
وعندما وصل إلى مستوى عال فى القداسة أراد أن يخفي فضائله وطريقته التى كان يسلكها عند الناس عملاً بقول السيد المسيح " متى فعلتم ما أمرتم به فقولوا أننا عبيد بطالون" وكما قال أحد الآباء (الفضيلة إذا ظهرت سرقت ونهبت من المجد الباطل) فلهذا بدأ يستعمل الجنون والعبط فى كل تصرفاته وأحاديثه بأساليب متنوعه لكي يبعد إلتفاف الناس من حوله ؛ حتى لا يعطلوه عن واجباته فلا ينكشف أمره وذلك ببعض ىألفاظ غريبة عن السلوك الرهباني مثل : "أنا عاوز أتجوز" وإن كانت هذه الوسيلة تنفع مع البعض ومع أفراد معينيين ولكنها لا تصلح مع الجميع ولا لبنيان الكنيسة.
يقول المرحوم المعلم جرجس مرتل كنيسة العذراء المناهرة أن أبونا عبد المسيح المناهري (المقاري) عندما كان يشعر بالروح إن أنا محتاج يستدعيني ويقول تعال يا جرجس عدي الترعة الصغيرة وإبحث عن الموسوسين (عمق الترعة متر وعرضها مترين) فأعبر الترعة وأعود ثانية فيقول ليَّ : وجدتهم أقول له غير موجودين فيقول ليَّ خد أجرتك وروح ما داموا غير موجودين. كما كان يأخذ الأطفال الصغار اليتامى ويقول لهم تعالوا إشتغلوا عندي وطبعاً هم قد تعودوا على أسلوبه، فيحضر ثلاثة أو أربعة منهم كطلبه فيقول لهم تعالوا ندور على الموسوسين ونشوفهم فين ويدور بيهم لمدة خمسة دقائق ثم يقول لهم قولوا الراهب الأسود الشحات فيقولوا ولكن بصوت خافت (واطي) من الخجل وبعد ذلك يقولهم خدوا أجرتكم ماداموا غير موجودين.