الحياة والرغبة الدائمة فيها، فيبتعد عن ما يعرضه للأمراض التى تنتج أساساً من الشعور بالوحدة والانعزال ,وقبل نتكلم أكثر عن الصداقة، لابد من التفريق بين الزمالة والصداقة لأن أحياناً نخلط بين الأثنين: الزمالة: هى علاقة بين أشخاص تجمعهم ظروف مشتركة كالدراسة والعمل وقد تنتهى علاقة الزمالة أوعلى الأقل تضعف إذا تغيرت تلك الظروف0 الصداقة: فهى علاقة قوية بين شخصين تجمع بينهما إتجاهات أساسية فكرية ووجدانية مشتركة ويسود بينهم التفاهم والثقة المتبادلة، والإنفتاح على الآخر كما أن اختلافهما فى الصفات يجعلهما متميزين كل واحد بميزاته التى يكمل بها الآخر، وقد يتحول كل منهما لخزانة أسرار لصديقه0 وإذا كانت الصداقة حتمية للإنسان بشكل عام، فى مختلف أوقات عمره، فلها الدرجة الأولى من الأهمية فى فترة المراهقة0 لكن
لماذا تعتبر الصداقة إحتياج نفسى بالنسبة للمراهق بالذات؟ ** فى الصداقة يعلن المراهق إستقلاله عن الأسرة بالتدريج، فيبدأ بتكوين علاقاته الخاصة التى يشعر فيها بكيانه، وأنه بالفعل ترك مرحلة الطفولة، ويبدأ فى ممارسة حريته فى التعبير عن رأيه، مع من يبادلونه نفس الإهتمامات (رياضية أو ثقافية أو كمبيوترأو فرق تمثيل00 إلخ) ** فى الصداقة يتعلم المراهق العطاء للجماعة، وكيفية التكَيف مع من يختلفون عنه فى الرأى والفكر، فيقبل الآخرين كما هم، ليقبله الآخرون كما هو0 ** الصداقة تساعد المراهق على إكتشاف نفسه، فى البيت إحتكاكه بالآخرين محدود، لكن بين شلة أصدقائه فهم يطلبون رأيه، ويشارك فى التنفيذ بناءً على آرائه، وهنا يكتشف المراهق نفسه، وذلك يفيد فى تكوين شخصيته، بل ورفض سلوكه هذا يعنى أن نحجز على شخصية المراهق0 ومن الحكمة أن يحرص المراهق على أن تكون صداقاته فى النور ومعروفه لأهله قدر المستطاع، فمشاركته لأهله يزيل قدر كبير من القلق، لأن الأسرة قد تشعر بالخوف من
تواجد المراهق أوقات طويلة مع أصدقائه، ولهم كل الحق فى ذلك، فمحبتهم وحرصهم عليه يكونان مصحوبان بالقلق، كذلك عليه ألا ينسى دوره كفرد فى الأسرة، حتى لا يسلب الأسرة حقها فيه كعضو مؤثر عليه واجبات وإلتزامات، وبالتالى ترفض الأسرة هذه الصداقات عندما تجد أن نتائجها سلبية0 وعلى الجانب الآخر، لا داعى أبداً للقلق المبالغ فيه من الأسرة على المراهق، أو التدخل الزائد فى شئونه، لدرجة ألا يكون له خصوصيات أو أسرار، فهذا طبيعى، ومن الأفضل أن تكون هناك علاقة حميمة ولغة حوار بين الوالدين والمراهق بدلاً من لغة الأوامر والنواهى، ووقتها سيلجأ المراهق للوالدين بإرادته الحرة، وذلك أفضل بكثير جداً لكلا الطرفين, ومن الأهمية أن ندرك احترام الكتاب المقدس لعلاقة الصداقة، اقرأ معى "الحديد بالحديد يحدد والإنسان يحدد
وجه صاحبه" (أم 27: 17) , فالكتاب المقدس يعلمنا ببساطة أن الصديق يؤثر فى شخصية صديقه، تماماً كما يحفر الحديد الحديد، وقال أحدهم: "قل لى من أصدقائك أقول لك من أنت"0وبديهى طالما أن الأمر بهذه الأهمية يكون لدينا الحرص فى إختيار أصدقاءنا. فما هى مواصفات الصديق إذن: قريب منى فى السن، لأن لكل مرحلة سنية مميزاتها الخاصة جداً، ومن الخطأ أن يعيش الإنسان مرحلة سنية مختلفة، سواء أصغر أو أكبر من سنه، فذلك يسبب له عدم إتزان نفسى0 متوافق معى فى الميول والطباع، حتى نستطيع نحن الأثنين قضاء أوقات ممتعة معاً0 يحبنى ويهتم بأمرى، وإذا كان حبه لى حقيقى، فالطبيعى أن تكون هذه الصداقة بناءة، ولعل هذا المعيار هو الأهم على الاطلاق0 متقارب معى إجتماعياً، حتى لا يتعرض المراهق لمواقف لا يستطيع فيها أن يجارى صديقه الذى يفوقه مادياً، أو تعليمياً، ويجد أن الاتصال بينهم مستحيل، فلكل عالمه الخاص، وأماكنه التى يذهب إليها، وهذا لا يعنى أن هناك حواجز نفسية، لكن فقط نوضح المواقف التى تتكرر من واقع الحياة. والسؤال الذى يفرض نفسه كثيراً هو: هل يمكن أن توجد صداقة بين شاب وفتاة؟؟ لاشك أن المراهق يقابل فتيات فى المجتمع سواء فى وسط العائلة، أو فى
الكنيسة، أو حتى فى النادى الذى يتردد عليه أو فى المدرسة التى يتعلم فيها 0000 إلخ ومستوى الصداقة بين الشاب والفتاة لا يمكن ابداً أن يكون على نفس مستوى الصداقة بين أثنين من الشباب , فيمكن للشخص أن يقابل صديقه فى أى وقت وفى أى مكان، وأن يتكلم بحرية ويشارك أسراره الخاصة جداً مع صديقه، الأمر الذى يصعب جداً ان يشاركه مع صديقته، وإن كان بعض الشبان يصارحون صديقاتهم من الفتيات بهذه الأمور، وبالتالى تخرج العلاقة عن إطار الصداقة، وتكون العلاقة فيها محفوفة بالمخاطر بشكل خاص فى مرحلة المراهقة, فاذا كانت الصداقة هى الخطوة النهائية بالنسبة للعلاقة من اثنين من نفس الجنس، فالعكس يكون فى العلاقة بين الشاب والفتاة لان خطوة قد تقود لخطوات أخرى أعمق لم تكن فى الحسبان، لذا فالأمر يحتاج لحرص شديد، وأكرر أن فوائد هذه العلاقة أقل بكثير من فوائد الصداقة الحقيقية بين شابين أو بين فتاتين، خاصة وأن التجاذب بين الجنسين يجعل التورط فى الميل العاطفى أوالجنسى أمر محتمل جداً. صديقى: أختم حديثى معك، بنوع من الصداقة قد يبدو غريباً، لكنه الأقوى والأكثر ثباتاً مع الأيام، هو النوع المثالى، الذى من خلاله تعرف أنقى وأطهر أنواع الصداقة، وهو الصداقة مع الله , هل تعجبت؟! ألا تتذكر كيف نطلق على ابراهيم أبو الآباء (خليل الله) والخل هو الصديق الحميم,ويعلمنا الكتاب المقدس ان ابراهيم دعى خليل الله بعد سلسلة من الاختبارات الرائعة فى حياته التى انتهت بطاعته التى تمثلت فى تقديم اسحق ابنه على المذبح، ودعى خليل الله (يع 2: 23), فقد تأتى أوقات لا يمكن أن يشعر بك أحد ويسندك فى حياتك مثلما يفعل الرب يسوع، الذى تألم مثلك وُجرب فى كل شئ، الوحيد القادر أن يرثى لضعفاتك، عندما يختفى الجميع من حولك، فهل عرفته بهذه الطريقة، أم أنك تحتاج أن تبدأ بداية جديدة معه الآن،و تسلم حياتك له, صدقنى هو الوحيد الذى يستحق أن تكون حياتك ملكاً له , لأنه الوحيد الذى بذل نفسه لأجلك (يو3: 16)0 فهل تقبل هذا النوع المميز من الصداقة؟؟ ليتك تفعل !! ،،